قلتُ بحماس:
- كلما حاولتُ ترميم الهباء وإسعاف نفسي بطرحه من رأسي جاءني ما لا أريد!
لفّ الصمت شفتيها لحظة من الزمن، ثم ضغطتْ على الكلام وهي تقول:
- لا تحاول.
- إذا فعلتُ أكون قد حكمتُ على أفكار في حاجة إلى غسل مجدد بالبوار.
- لماذا لا ترى في ما ترى إلا الهباء والبوار ..؟
- بدونهما لا معنى لنقيضهما.
- لماذا لا تحاول أن تحلق بعيدا عن عقلك قليلا؟
- لا أستطيع، حاولتُ غير مرة، لكن كنتُ كمن يضيء للناس ويحترق.
- الاحتراق لأجل الآخرين شيء عظيم ..سيجعلك قويا.
- القوة أمام الأنياب لا شيء ..
- أنتَ كل شيء ..
- محض هراء ..وهذيان ..
- بل هي القوة عينها !
نظرتُ إليها مشفقا على حماسها وعلى صِدقي، وفجأة تساقطتْ أطرافي كما يتساقط متاع قديم متهرئ في زريبة منسية، فهوى جسدي على خيالها فوق كرسي المقهى، فتحول جسدي إلى كثبان رماد سرعان ما تناثر في الهواء تذروه الرياح ..